الإهمال جزاء من يناضلون من أجل الأوطان

الإهمال والنسيان عقوبة من يناضلون من أجل الأوطان !
من البديهيات المسلم بها في أي مكان ينال فيه الإنسان قدرا من الاحترام والتقدير ، أن من يناضلون نضالا وطنيا من أجل رفعة ورقي أوطانهم ، أو ضد من يعتدون علي هذه الأوطان أن يلاقوا تقديرا مرموقا مقابل هذا النضال وهذا العطاء ، ولكن وللأسف الشديد في كثير من بلادنا العربية لا يقابل هؤلاء المناضلون إلا بالنكران والإهمال الشديد وعدم الذكر ، وما يؤكد ما أقوله ما تعانيه وما تجده الآن المناضلة العظيمة الجزائرية / جميلة بوحيرد ، والتي نشرت جريدة الشروق الجزائرية على لسانها أنها لا تجد دخلا ماليا تنفق به على نفسها أو تعالج به أوجاعها وأمراضها ، فيا للعجب هل وصلت بنا الحال في بلادنا العربية إلى هذه الدرجة ، وأصبح نكران الجميل هو السائد في هذه الأوطان ، أم أن العيب ليس في البلدان ، وإنما العيب فيمن يتولون المسؤولية فيها ، والذين كرسوا جهدهم للاهتمام بالتوافه من الأمور وتركوا ما يجب الاعتناء به ، فلقد أصبح الاهتمام الأول في بعض بلادنا العربية بكرة القدم واللاعبين وأهل الفن والطرب ، الذين تنفق عليهم ملايين الدولارات ـ ومع ذلك فإن فشلنا رياضيا وفنيا واضح للعيان أيضا ـ وإن كان ليس من العيب أن نرتقي رياضيا أو فنيا ، ولكن علينا أن نعطي كل شيء حقه ، فإلى جانب الاهتمام بالأقدام والأجسام يجب أن نهتم بالعقول و الأفهام ، فهل يعقل أن نقرأ عن جميلة بوحيرد التي وضعت روحها على كفيها أثناء احتلال فرنسا لبلدها الجزائر وحكم عليها بالإعدام لنضالها من أجل أن تنال بلدها حريتها من الاحتلال البغيض ، هل يعقل أن نقرأ عنها أنها لا تجد ما تقتات به أو ثمن جرعات الدواء الذي تخفف به أوجاع السنين ؟! هل يعقل يا بلد المليون شهيد ؟! هل يعقل أن يصل الإهمال والنسيان لمن قدموا أرواحهم فداء لأوطانهم ومكنوا المسئولين من أن يكون لهم بلد يتربعون فيه الآن على كراسي الحكم ؟! هل يعقل أن يصل الأمر بجميلة بوحيرد أن تبعث بنداء استغاثة لوسائل الإعلام تطلب فيه من الدولة أن تساعدها حتى تتمكن من إجراء عملية جراحية ؟! جميلة بو حيرد التي ضحت في يوم من الأيام بنفسها من أجل أن تصان بلادها وتعود لها كرامتها وحريتها " آه من بلادنا التي أصبحت ليست كالبلاد " كما قال الشاعر الكبير / فاروق جويدة ، عجبا لبلاد أصبح قول الشاعر:
تموت الأسد جوعا في الغابات ولحم الضأن تأكله الكلاب
هو السائد فيها ، والله لو أن جميلة بو حيرد كانت في دولة أوربية أو أمريكية أو حتى فيما يسمى بإسرائيل لنصب لها تمثالا في كل ميدان ليذكر الأجيال ببطولاتها ، ولأنفق على إرضائها ملايين الدولارات ، أم أن القضية لها وجه آخر؟ فقد يكون إهمال " جميلة بو حيرد " مقصودا ، فإن المسئولين في الجزائر لا يريدون أن يعتنوا بجميلة حتى لا تغضب فرنسا عليهم ، أو حتى لا يتضجر السيد ساركوزي رئيس فرنسا ، فكيف يمكن أن نهتم بواحدة ناضلت وتصدت للاحتلال الفرنسي ؟! أو ربما لا يريد المسئولون الاهتمام بجميلة حتى لا يقتدي بها الكثيرون من أبناء هذه الأمة الذين يريدون الحرية لأوطانهم ، وإنما يجب أن تعاني جميلة بو حيرد وأمثالها من الإهمال حتى الموت !
أيمن بركات أبو المجد