نشرت أخيرا مجلة فورشن أن الشعب الأمريكي يستهلك يوميا ما يقرب من15 طنا من الأسبرين بسبب التوتر الذي يسبب الصداع والآلام المختلفة, لذا فقد قررت500 شركة من كبري الشركات الأمريكية مثل أي بي إم, فورد, كوداك, جنرال اليكتريك ولوكهيد أن تتبني برنامجا يهدف إلي بث المرح والضحك داخل أماكن العمل, وفي أوقات الراحة والإجازات لرفع الروح المعنوية للموظفين والعاملين في هذه الشركات لضمان حسن أدائهم مما ينعكس علي زيادة الإنتاج.
وعن الضحك وأهميته بالنسبة للإنسان يحدثنا الدكتور عبدالهادي مصباح استشاري المناعة والتحاليل الطبية وزميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة, موضحا ان الضحك من أهم العوامل التي تساعد علي تقوية الجهاز المناعي لمواجهة الانفعالات والتوتر والتلوث وغيرها من العوامل التي تؤثر بالسلب عليه وفي السنوات الأخيرة حاولت كثير من الدراسات التوصل إلي العلاقة بين الجهاز العصبي المركزي وجهاز المناعة وهي العلاقة التي توصل إليها أجدادنا منذ قديم الزمن
حيث ربطوا بين التوتر والانفعال والعصبية والاكتئاب وبين المرض الجسماني وضعف المناعة الذي يظهر في شكل أعراض مرضية بقولهم ده ماعندوش غير شوية فكر إلا أنهم بالطبع لم يصلوا إلي معرفة كيف يتحول هذا الفكر إلي أعراض مرضية تؤثر علي كل أعضاء الجسم.. وهو ما توصل إليه العلماء من خلال أحدث الأبحاث العلمية حيث وجدوا اتصالا مباشرا بين المخ والجهاز العصبي المركزي وجهاز المناعة فكل ما يؤثر بالسلب علي الجهاز العصبي المركزي والحالة النفسية للإنسان يؤثر أيضا بالسلب علي جهاز المناعة ويسبب الأنواع المختلفة من الأمراض بدءا من تكرار حدوث العدوي بالإنفلونزا وحتي الإصابة بالأورام السرطانية وعدم الشفاء منها.
ويعتقد د. عبدالهادي مصباح أننا جميعا نردد المقولة الشهيرة التي تقول العقل السليم في الجسم السليم.. ولكن يجب ايضا إضافة شطر آخر يقول: والجسم السليم من عقل سليم وهناك الكثير من المؤثرات التي تواجهنا كل يوم في حياتنا اليومية والتي تسبب توترنا, مما يؤثر بالسلب علي جهاز المناعة مثل التوتر في العمل, والزحام والضوضاء, وضيق ذات اليد والانشغال بالمستقبل والخلافات الزوجية والشعور بالوحدة وجحود الأبناء, كل هذه المؤثرات لا يستطيع الإنسان أن يمنع حدوثها إلا أنه ينبغي أن يتعلم كيف يواجهها ويتعامل معها بأقل قدر من الأضرار من خلال ما يسمي في العلم بالتكيف.
والذي يسمي في الدين بالرضا والإيمان, فليس بكاف أن تكظم غيظك ويظل دمك محروقا. وهناك الوصفة السحرية المتكاملة في الآية الشريفة والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين أما المصائب والابتلاءات المختلفة التي يمكن ان تصيب الانسان فقد سبق الإشارة والتنبيه إليها من قبل المولي عز وجل في قوله ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون فماذا يحدث لهؤلاء الصابرين الذين يتعاملون مع انفعالاتهم بنضج وروعة الإيمان أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون
وإلي جانب الإيمان الذي يعد خط الدفاع الأول للحفاظ علي الجهاز العصبي والمناعي, وبالتالي علي صحة وسلامة العقل والجسد هناك كثير من الوسائل التي طرحتها الأبحاث للتعامل مع مثل هذه الانفعالات.. أول هذه الوسائل الضحك الذي يعتبر تطعيما ضد الانفعالات وتأثيرها السلبي علي جهاز المناعة وعلي الجسم بصفة عامة حتي إن هناك الآن نوعا من العلاج يسمي العلاج بالمرح بعد ان اثبتت احدث الابحاث العلمية أن الضحك والمرح يقللان من افراز هرمونات الكورتيزول والادريتالين وغيرها من هرمونات الانفعالات الهدامة والتي لها تأثير سلبي علي جهاز المناعة
وان الضحك ينشط نوعا من الخلايا في جهاز المناعة تسمي الخلايا القاتلة الطبيعية وهي المسئولة عن التصدي للفيروسات والخلايا السرطانية والقضاء عليها في مهدها, وقد اكدت هذا الكلام ابحاث اخري اجريت في اكثر من جامعة منها جامعة هارفارد الامريكية وجامعة لوماليندا وغيرهما, ولان اللعاب والاغشية المخاطية في الفم والانف يعدان خط الدفاع الأول الذي يخترقه اي ميكروب قبل دخوله الي الجهازين التنفسي والهضمي فقد اجريت عدة تجارب علي مجموعة من الافراد في كلية الطب جامعة اوهايو بالولايات المتحدة لمعرفة تأثير الانفعالات والتوتر علي الاجسام المضادة الموجودة في اللعاب والاغشية المخاطية في مقابل تأثير الضحك والمرح علي هذه القذائف المدفعية التي تقف علي بوابة الجسم والجهاز التنفسي والهضمي
وكذلك اجريت ابحاث أخري في جامعات ويسترند نيوانجلاند وجامعة ووترلو بكندا, بينت ان الانفعالات والتوتر والاكتئاب يقلل من مستوي الاجسام المضادة الموجودة في اللعاب وان الضحك والفرفشة بعد مشاهدة شرائط من الافلام والمسرحيات الكوميدية رفع من مستوي هذه الاجسام المضادة بصورة واضحة عند المجموعة التي خضعت للدراسة وحتي لايصبح كلام هذا التحقيق كلاما نظريا لا يمكن تطبيقه أو الاستفادة به يوضح د. عبدالهادي مصباح بشكل عملي وعلمي طرق مواجهة التوتر العصبي المستمر في حياتنا اليومية المليئة بالهموم والمشاكل والوسيلة التي بها نستطيع الضحك في زمن عز فية الضحك والابتسام والفرح..
ويشير الي انه ينبغي ان نعلم ان الخالق عز وجل قد اخبرنا سلفا باننا سوف نواجه المتاعب والمصاعب في هذه الدنيا حين قال لقد خلقنا الانسان في كبد اي تعب ومشقة واخبرنا ايضا ان بعض هذه المصاعب التي نواجهها انما هي نوع من الاختبار او الفتنة كما قال في كتابه العزيز أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون وهذه الابتلاءات ينبغي ان نصبر عليها لنأخذ اجر الصابرين إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب ومن هذا المنطلق الايماني الذي ينفي ان كل ما نحب هو الخير وكل ما نكره هو الشر ينبغي ان نعي جيدا قوله تعالي وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسي أن تحبوا شيئا وهو شرلكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون ولنبدأ ببعض الفوائد التي ينبغي ان ندركها للضحك, ففي دراسة اجريت في جامعة شيكاجو تبين ان الضحك والمرح يمكن ان يزيدا من عمر الانسان8 سنوات.. وفي جامعة ستانفورد الامريكية اظهرت احدي الدراسات ان ضحكة واحدة من القلب تعادل الفائدة التي تنالها اجهزة الجسم المختلفة بما فيها الجهاز المناعي ـ من ممارسة الرياضة لمدة10 دقائق علي ماكينة الجري.
ولعلنا نندهش اذا علمنا ان الطفل الطبيعي في مرحلة ماقبل المدرسة يضحك او يبتسهم حوالي400 مرة في اليوم وينخفض هذا الرقم ليصل إلي15 مرة عندما يصل إلي سن35 والضحك ينشط افراز مادة الاندورفينات او الافيونات الطبيعية التي تحافظ علي المزاج والسلوك الطبيعي وايضا تقوي جهاز المناعة, ومع كل ضحكة من القلب يتم حرق3,5 سعر حراري مما يجعل الضحك وسيلة للمحافظة علي رشاقة الجسم بشرط عدم تناول اغذية غير صحية كما ان الضحك يزيد من كمية الاكسجين التي تدخل الجسم مما يساعد علي تجديد الخلايا التالفة وتقوية المناعة وتقليل الاحساس بالالم وتخفيف التوتر وفي النهاية يوضح د. عبدالهادي مصباح اهمية وجود فناني الكوميديا لاحتياجنا اليهم ربما اكثر من احتياجنا للأطباء
الرئيسية
أحدث الصور
التسجيل
دخول
