عقول مصر و أقدامها !

b]عقول مصر وأقدامها
متى تتساوى العقول بالأقدام ؟!
إن المرء ليشعر بالأسى والحزن البالغين عندما يشاهد برنامجا تلفزيونيا وهو ( برنامج 90 دقيقة ) في حلقة السبت 30/ 9 / 2008 م ، وقد استضاف ثلاثة من علماء مصر الأجلاء ، أحدهم الأستاذ الدكتور / حسين عويضة ـ رئيس نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر ، والأستاذ الدكتور / مغاوري دياب رئيس نادي أعضاء هيئة التدريس يجامعة المنوفية والدكتورة / كريمة الشامي أستاذة بجامعة المنصورة ، وكنت القضية التي تنقشها حلقة هذا اليوم هي تدني أجور أساتذة الجامعات المصرية ، وعندما بدأ الدكتور / حسين عويضة الحديث ليدلي بدلوه في هذا الموضوع ، فإذا به ينفعل انفعالا شديدا وتشعر بالشفقة عليه وهو على هذه الحال ، وإذا به يصرخ بأعلى صوته قائلا : أنا أريد أن تتساوى العقول بالأقدام في مصر ، وعندما تلقت أذناي الكلمة كأنما سمعت طلقات مدافع مدوية ، فيا للعجب أجاء الوقت الذي نطالب فيه بأن تتساوى العقول بالأقدام ، هل نساوي بين ما يلبس فيه الحذاء وبين وعاء الفكر والتقدم والازدهار ، أم أنها كلها أوعية القدم يحوي الحذاء والعقل يحوي الفكر ! ومع العلم إن الرجل لم يخطئ أو لم يخنه التعبير ، فهذا هو واقعنا المرير ، فنحن ننفق ملايين الجنيهات والدولارات على الأقدم من خلال العناية الفائقة التي يحظى عليها لاعبو كرة القدم في بلادنا ، ولكن أستاذ الجامعة لا يجد ما ينفق به على احتياجاته الأساسية ، وعودة لحلقة البرنامج ، حيث بدأ الأساتذة الضيوف يشيرون إلى أن الأستاذ إذا كان لا يستطيع براتبه الضئيل أن ينفق على احتياجاته الأساسية ، فكيف يمكن له أن ينفق على أبحاثه بداية من مرحلة المعيد إلى أن يصل إلى درجة أستاذ ، وها نحن كما نسمع أن مصر الآن تحاول الدخول في عالم الطاقة النووية ، فكيف يمكن لها أن تخرج عالما نوويا والمعامل العلمية في جامعاتها خاوية على عروشها ، فقد تحدى ضيوف البرنامج أن تجد العينات المطلوبة لإنجاز بحث ما على أكمل وجه فهل يا ترى أتقبل مصر أن تكون عقولها أسفل الحذاء ، فهاهو الأستاذ الجامعي بعد خروجه للتقاعد وبعدما وصل سن السبعين يتقاضى راتبا 200جنيها مصريا ، فهل هذا يليق بالأستاذ الذي تربى على يديه الأجيال والأجيال ، وقد شارك بفكره في بناء البلد ، لا أدري ماذا أقول ، إن كل محب لهذا البلد لا يرضى بذلك ، فإن التعليم إذا تدهور في بلد ما فقل عليه السلام ، ولتقم مأتما عليه ، وأقسم بالله إنا لا نريد شيئا إلا أن يعاد لهذا البلد عزه ومجده ، ولن يتحقق ذلك إلا إذا رفعنا من شأن العلم والعلماء ورفعناهم فوق الرءوس ، ولم ندس على فكرهم بالأحذية والأقدام 0
كتب / أيمن بركات مساء السبت في 30/9 /2008 م[/b]